تقع بحيرة هوهاي معناها في اللغة الصينية البحيرة الخلفية، وسط حي سكني قديم بقلب مدينة بكين، ويحيطها الضوضاء البلدي والإزدحام الكبير من الشوارع من خلفها كل يوم ، غير أنها ظلت محافظة على الهدوء والسكوت والإرتياح في ظل هذا الوضع. وعلى جوانبها كثير من الدور الرباعية التقليدية والأزقة البكينية القديمة التي تتمتع بالبساطة والحداثة في آن واحد . نذهب الآن إليها للتجول فيها.
بحيرة هوهاي معروفة لدى المواطنين البكينيين بإسم " تشيتشا هاي "، وهي متصلة ببحيرة بيهاي وقريبة من حديقة جينغشان وقصر الإمبراطور. وكانت من أصلها بحيرة صناعية خاصة للبلاط . ثم أصبحت مفتوحة لعامة الناس ، وتحولت إلى حي تجاري مزدهر في مدينة بكين القديمة منذ القرن الثالث عشر . ومع تطور وتقدم المجتمع ، تعتبر حاليا مكانا خاصا للتجول والراحة وتنسجم فيه الثقافة الشرقية القديمة والثقافة الغربية الحديثة.
كلما يسدل ستار الليل على بحيرة هوهاي ، تضئ مصابيح النيون هنا وهناك، وتبدأ بحيرة هوهاي إظهار وجهها الآخر، حيث تصطف على ضفافها الكثير من حانات البيرة والمطاعم التقليدية والأجنبية المميزة ، ويختلف كل منها عن الآخر من حيث مظهره الخارجي إلى ذوق أطعمته ومشروباته . ندخل الآن مطعما تايلانديا معروفا بإسم " زو آن" ، وفي غرفة إستقبال أريكة كبيرة مريحة .
ما إن فتحنا باب غرفة تناول الأطعمة في شكل زهرة اللوتس حتى شعرنا برائحة زكية من فاكهة بابايا التايلاندية ، ويحييكم الخدم مبتسمين بضم راحتي اليد والإنحناء قليلا للضيوف، وهم في الملابس التايلاندية . وهناك مطعم تقليدي مسمى "جيا دينغ فانغ" يقع على جانب البحيرة ، ويمكن للزبائن أن يجلسوا بجانب مائدة الأطعمة ويشربوا ويتناولوا الأطعمة اللذيذة ، بينما يشاهدون مناظر البحيرة الطبيعية وأزهار اللوتس المتفتحة على سطح البحيرة .
جدير بالذكر أن هناك مطعما إسلاميا قديما يسمى " كاو رون جي "، يرجع تاريخه إلى أكثر من مائة سنة ، وأطعمته الإسلامية المختلفة لذيذة ومغذية، يفضلها المواطنون البكينيون كثيرا . وبالإضافة إلى ذلك ، توجد في ضفاف بحيرة هوهاي الغربية بعض المطاعم ذات الخصائص من جنوب الصين . وأيضا في عمق الأزقة القديمة حول البحيرة كثير من المطاعم التقليدية الصغيرة والمتاجر الخاصة المتنوعة وبعض المساكن القديمة للمشاهير والدور الرباعية الجميلة للمحليين التي تجذب أنظار السياح والزوار إليها دائما .
إذا أردت التجول في الأزقة القديمة ببكين ، فيمكنك أن تختار إستخدام عربات ذات ثلاث عجلات ، وهي من أفضل وسائل نقل للتجول في أزقة بكين. إن السيد داي هونغ تشانغ يعيش في زقاق مدينة بكين منذ ولادته، وله مشاعر عميقة تجاه الأزقة ، مع أن عمره يبلغ حاليا 68 سنة، لكنه مازال قوي الجسم والصحة ، كان يجر عربة ذات ثلاث عجلات لاستقبال الضيوف في زيارة الأزقة ببكين، ويروي لهم تلك القصص التاريخية القديمة . وقال لمراسلنا :
"مرحبا بالمزيد من السياح والأصدقاء لزيارة أزقة بكين والتعرف على حياة المواطنين المحليين العادية وتجربة المعيشة الواقعية في الدور الرباعية البكينية ، لها مذاق خاص ."
ها نصل الآن إلى شارع يان داي شي جيه، شارع قديم يبلغ عمره مائة سنة ، وتكمن فيه المحلات الخاصة المختلفة والمتاجر الصغيرة المتعددة لبيع البضائع المتنوعة ، ومنها متجر بإسم " عين الفردوس" يبيع الزينات التبتية بشكل رئيسي . وأخبرنا صاحبه أنه يحب منطقة بحيرة هوهاي كثيرا ، لأنها مكان هادئ، وتوجد فيه الآثار والمعابد والمساكن القديمة ، وكل ذلك يجعله فيما بين الأقرباء والأصدقاء. وقال:
"شارع يان داي شي جيه، شارع قديم يمثل الثقافة الصينية العريقة والصفات القومية المميزة . ويجب علينا أن نضع الأشياء القومية والتقليدية الصينية في مكان أمام كل شيء."
يجمع في منطقة بحيرة هوهاي الكثير من الفنون الشعبية والقومية المنتشرة بين الجماهير ، ويمكن للزوار أن يجدوا هنا أنواعا متعددة من الأعمال الفنية التقليدية التي ترمز إلى حضارة الأمة الصينية . مثلا صنع التماثيل السكرية بالمعجون السكرى لتشبه أشكالا مختلفة من الحيوانات والنباتات كالدجاج والفأر والتنين والقرد والقرع والأزهار وغيرها . قال الزائر من السويد لمراسلنا :
" عندما تتجول في منطقة بحيرة هوهاي الجميلة، تشعر فعلا بالهدوء البالغ في الصدر والقلب حتى لا تسمع أي ضوضاء من الشوارع المزدحمة القريبة منها . وهي مكان ممتاز جدا للراحة والإسترخاء ، والشعور بحياة عامة الناس في بكين القديمة والحديثة ."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق