الأربعاء، 26 مارس 2014

البلاد تتسع للصين......



البلاد تتسع للصين......
ديث 07:39 م
5152

أسواق الصين 

الهدف من بناء سور الصين العظيم كان حماية البلاد من هجمات الأعداء. لكن الحجارة الصمّاء لم تعزل الصينيين خلفها، فكانت شفّافة أمام العلاقات التجارية. وتخطّت الصين حدود سورها، وانتشرت مملكتها التجارية، وبات الإقتصاد الصيني اليوم من أسرع الإقتصادات نمواً في العالم.
بملاحظة سريعة للأسواق اللبنانية، يصبح من السهل الحديث عن سيطرة صينية، تلبي حاجات المستهلك اللبناني كافة. وتدل أرقام إدارة الجمارك اللبنانية على حجم البضائع التي يتم إستيرادها وتصديرها، وإن كان الحديث عن التصدير خجولاً. وبحسب الجمارك، فإن قيمة الإستيراد، حتى أواخر شهر حزيران من العام الجاري، بلغت 953 مليون دولار تقريباً، وصل منها الى مرفأ بيروت، ما قيمته حوالي 774 مليون دولار، وهي عبارة عن حوالي 439 طناً. والى مطار بيروت الدولي، وصلت قيمة الإستيراد في الفترة ذاتها الى ما يقارب 165 مليون دولار، بحجم 5 أطنان تقريباً. والى مرفأ صور وصلت القيمة الى 14 ألف دولار، بحجم 4 أطنان. أمّا نصيب مرفأ طرابلس فكان حجمه 9 أطنان، بقيمة تقارب الـ7 مليون دولار، ونصيب نقطة المصنع الحدودية كانت 3 أطنان، بقيمة 6 ملايين دولار.
من جهة أخرى، صدّر لبنان في الفترة عينها حوالي 17 مليون دولار. فخرج من مرفأ بيروت حوالي 8 أطنان، بقيمة 16 مليون دولار تقريباً، ومن مطار بيروت حوالي 432 ألف دولار، بحجم 2 طن. في حين لم تشهد مرافىء صور وطرابلس ونقطة المصنع أي عملية تصدير.
وتختلف البضائع والمواد التي تدخل في عملية التبادل التجاري بين البلدين، وتتراوح بين المنتجات الصناعية والكيميائية... الى المأكولات وغيرها. على سبيل المثال، إستورد لبنان حتى شهر حزيران من العام الحالي، أسماكاً مجمّدة (باستثناء الشرائح وغيرها من لحوم الأسماك)، بحوالي 58 ألف دولار، بينما بلغت قيمة إستيراد شرائح السمك وغيرها من لحوم الأسماك، حوالي 129 ألف دولار. أمّا قيمة إستيراد المنتجات الصالحة للأكل من أصل حيواني (غير محدّد)، فبلغت حوالي 22 ألف دولار. أيضاً، إستورد لبنان حيوانات ومنتجات حيوانية، في الفترة نفسها، بحوالي 498 ألف دولار، في حين بلغت قيمة التصدير من لبنان الى الصين للمنتجات نفسها، حوالي 787 دولاراً. فضلاً عن ذلك، إستورد لبنان منتجات نباتية بقيمة 23 مليون دولار تقريباً، ولم يصدّر شيئاً من هذه المنتجات. أمّا الصناعات الكيماوية، فتخطّت قيمة إستيرادها في الفترة المذكورة، الـ 37 مليون دولار، في حين صدّر لبنان ما قيمته 3 آلاف دولار تقريباً. وبلغت قيمة واردات أجهزة البصريات والتصوير وأجهزة الموسيقى حوالي 23 مليون دولار، مقابل تصدير حوالي 4 آلاف دولار فقط.
أمام إستعراض هذه الكمية البسيطة من أرقام إدارة الجمارك اللبنانية، يتّضح مسار التبادل التجاري، والفرق الشاسع بين ما يستورده لبنان وما يصدّره الى الصين. وفي هذا الإطار، يؤكّد رئيس مجلس الأعمال اللبناني الصيني، علي المصري، أن "لبنان هو الذي يحتاج الى الصين أكثر ممّا تحتاج الصين الى لبنان. فحجم التجارة، وإعطاء السفارة الصينية تأشيرات دخول لحوالي 15400 لبناني هذا العام، يدلان على أهمية البضائع الصينية بالنسبة للتجّار اللبنانيين".
ويشير المصري الى فتور في العلاقات بين البلدين في الجوانب الثقافية والسياحية، ويحيل ذلك الى "عدم توفر الخلفية الثقافية لدى اللبناني عن الحضارة الصينية من جهة، والى عدم إجادة الصينيين للغة الإنكليزية أو الفرنسية بشكل كبير، إذا لا يشعر الصيني بأنّه ملزم بتعلّم تلك اللغات". يضيف "إذا نظرنا الى الفرق في التعداد السكاني بين البلدين، وبين الصين وأي بلد آخر، نجد مبررات لما يعتقده الصينيون حيال هذه الجانب. إذ لن يشكّل حجم السياح اللبنانيين أي أهمية تذكر بالنسبة لحجم السياح الصينيين (في السياحة الداخلية). ثم ان نسبة الأموال التي سيدفعها السياح اللبنانيون لن تشكّل فارقاً مهماً. وهنا تجدر الإشارة الى أن الصين تدّخر أربعة أضعاف المبلغ الموجود في خزينتها، والمخصص لحماية الإقتصاد الوطني. والصين دائنة للولايات المتحدة الأميركية، التي تعتبر أقوى دولة في العالم".
وبرغم فتور العلاقة غير التجارية بين البلدين، يشير السفير الصيني في بيروت، جيانغ جيانغ، في حديث إذاعي، الى أنه "منذ العام 2001، أطلق البلدان برامج تعاون لتنمية الموارد البشرية. ودعت الصين الشخصيات اللبنانية المتخصصة في المجالات المعنية لزيارة الصين وحضور الدورات التدريبية والندوات التي تشمل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والإعلامية، والتي وجدت ترحيباً واسعاً".
وعن التعاون الثقافي والتعليمي بين البلدين، يوضح جيانغ، ان الجانبين وقّعا في العام 2009 "خطة تنفيذية للتبادل والتعاون الثقافي. وأقامت السفارة الصينية سلسلة من النشاطات الثقافية. وفي العام 2012 قام المسؤولون عن مهرجانات بيت الدين وبعلبك والبستان الدولية بزيارة ناجحة للصين وحضروا مهرجان شنغهاي الدولي".
وفيما يستورد لبنان من الصين أكثر مما يصدر إليها، إلاّ أن قدرة الصين على إستيعاب لبنان إنعكست، وتغيّرت الطرفة القائلة بأن صينياً سأل تاجراً لبنانياً عن تعداد اللبنانيين، فأجابه بأنّهم يقاربون 4 ملايين نسمة. فضحك الصيني وقال: لماذا لم تحضرهم معك؟ إذ نستطيع إستيعابهم في فندق واحد. فلبنان إستوعب الصين... وأغرق سوقه بمنتجاتها!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق