المسلمون في الصين -- زيارة لمدينة شيآن أول مدينة دخلها الإسلام في الصين (خاص)
مكارم الأخلاق هي التي نشرت الإسلام
عندما توجه التجار العرب إلى الصين للبيع والشراء، حملوا معهم أيضا تلك الأخلاق الحميدة التي أوصى بها الله سبحانه ورسوله الكريم، وحرصوا على التعامل الصادق والنزيه مع المحليين الذين استقبلوهم بودٍ كزوار قادمين من بعيد. لقد حرص التجار العرب على كل ما من شأنه عدم مضايقة المحليين، خاصة الباعة والتجار، حتى لا تكون هناك منافسة غير مرغوب فيها. حدّثني رجل صيني مسلم كبير السن في مدينة شيآن قائلا: "عندما كان التجار العرب ينزلون إلى السوق، كانوا يحرصون على عدم منافسة الباعة المحليين، ويعطونهم الفرصة الكافية لبيع بضائعهم، ثم يطرحون بضائعهم التي كانت تتميز بالجودة والندرة. ويتهافت عليها المشترون المحليون وتباع بوقت قصير. وكان المحليون يراقبون تلك التصرفات، فأعجبوا بما لدى التجار العرب من أخلاق حميدة سواء في التعامل التجاري أو الإنساني، وحرصهم على البيع والشراء في بيئة نزيهة تماما. وبالطبع، حصلت تعاملات وتبادلات وتعارفات، وتأكد المحليون أن الدافع الأساسي لهذه الأخلاق الحميدة هو عوامل مرتبطة أولا بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ثم بالتقاليد الأصيلة. فتقرب الصينيون المحليون أكثر فأكثر من العرب، وتطورت علاقات الجانبين كثيرا، ووصلت إلى المصاهرة والإنجاب والعلاقات الاجتماعية الوثيقة الأخرى. ومما يتذكره هذا الشيخ الجليل أيضا عادات الطعام التي نقلها العرب إلى شيآن، وخاصة أكلة مُحببة ومشهورة حاليا في المدينة، وسائر مناطق الصين الأخرى، ألا وهي طبق باومو. هذه الأكلة أو هذا الطبق، تشبه الثريد أو الخبز المغموس بحساء اللحم. لقد كان من الطبيعي أن يحمل التجار العرب معهم خلال رحلاتهم الطويلة، بعض الخبز الجاف، الذي يتحمل الفترة الطويلة للرحلات. وبعدما يجف، لا بدّ من غمسه بحساء، حتى يمكن تناوله طريًا. كان أبناء شيآن المحليون يراقبون العرب وهم يغمسون الخبز الجاف بالحساء المغلي، ومن الطبيعي أن يتشاطروا الطعام مع بعضهم البعض، فأعجبوا بنكهته وغنى الحساء بنكهة وطعم اللحم، خاصة لحم الغنم والبقر، فذاع صيت هذه الأكلة وانتشرت بين المحليين وفي سائر المنطقة، ثم انتشرت في أرجاء الصين. وحساء اللحم المغلي هذا، يسمى باللهجة الشيآنية المحلية: توتوما، وهي مأخوذة من الكلمة العربية: طعامُ. يقول المحليون إن العرب كانوا يدعون أصدقائهم لتشاطر الطعام فيقولون: تفضل، طعامُ، طعامُ. وهكذا، اكتسبت الكلمة لهجة محلية فأضحت توتوما. الطبق(باومو) هو اليوم علامة مميزة لشيآن حاضرة مقاطعة شانشي، إلى جانب تحفة تاريخية شهيرة عالميا تحتضنها هذه المقاطعة هي تماثيل الجنود والخيول الصلصالية(تماثيل التريكوتا)، الموضوعة ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي لليونيسكو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق