الثلاثاء، 8 أبريل 2014

عادات وتقاليد الصينيين في عيد الربيع......

عادات وتقاليد الصينيين في عيد الربيع......


إن هذه السنة هي سنة النمر حسب التقويم القمري التقليدي الصيني. إذن، لماذا تعتبر هذه السنة سنة النمر؟ نقول إن ذلك مرتبط بالأبراج الصينية. تعرفون أن الأبراج الغربية تحسب بالأشهر، أما الأبراج الصينية فهي تحسب بالسنين، وتتكون من إثني عشر برجا. وكل برج يمثله حيوان، ويسمّى العام القمري الجديد باسمه. وهى حسب تسلسلها: الفأر والبقرة والنمر والأرنب والتنين والافعى والجواد والخروف والقرد والديك والكلب والخنزير. وقال الخبراء المعنيون إن تاريخ هذه الأبراج نشأ نتيجة حساب الجيل القديم من الصينيين للأعوام في العهد القديم. وقال البعض الآخر إن هذه الأبراج جاءت من الهند القديمة. أما برج النمر، فهو في المرتبة الثالثة من الأبراج المذكورة. ونظرا لأن هذه السنة هي سنة النمر، فأصبحت الدمى على شكل النمر رائجة جدا قبيل العيد، ويعتبرها الناس تمائم لهذه السنة. وفي الحقيقة أن الصينيين يحبون النمر كثيرا، معتقدين أن النمر رمز للقوة والسلطة، والكثير منهم يعلقون صور النمر على حيطان صالات الضيافة في بيوتهم.
في الحقيقة أن عيد الربيع لا يقتصر على يوم أو يومين. ووفقا للعادات والتقاليد الشعبية في الصين، يبدأ عيد الربيع بمعنى واسع من عيد "لابا" المصادف الثامن من الشهر الثاني عشر حسب التقويم القمري الصيني، ويستمر حتى عيد يوان شياو الذي يصادف الخامس عشر من الشهر الأول من السنة القمرية الجديدة، حيث يستغرق أكثر من شهر. وخلال هذه الفترة، تعتبر ليلة وقفة العيد واليوم الأول من العيد أفخم ليلة ونهار، حيث تصل أجواء العيد إلى ذروته.
إن الفترة من ال23 إلى ال30 من الشهر الثاني عشر القمري الصيني كل سنة تُعرف لدى الشعب الصيني باسم أيام استقبال الربيع أو تسمى بأيام التنظيف أيضا. أي يجري تنظيف البيت بكامل أركانه، وذلك يمثل إزالة الفقر والحظ السيئ. وبعد ذلك يجري تزيين البيت. وقبل العيد يلصق الصينيون أوراقا حمراء على جانبي الباب ويُكتب عليها عبارات التمنيات الجميلة بمناسبة السنة الجديدة مثل "الربيع يعود إلى الأرض، السعادة تعم الدنيا" و"الجبال خضراء والمياه صافية والمناظر جميلة، العمر طويل والمحاصيل وافرة والبشارات كثيرة"، وذلك يسمى "تشون ليان"، وكذلك يعلقون الفوانيس الحمراء فوق أعتاب الأبواب ويكتبون كلمة "福" (فو) معناها "السعادة" على الأوراق، ويلصقونها مع صور آلهة الثراء وآلهة الحراسة على الأبواب، كما يلصقون الرسوم الملونة التي ترمز إلى السعادة والسلامة على الجدران داخل الغرف، وتقص الفتيات المقصوصات الورقية الحمراء المتعددة الأشكال كالأزهار الجميلة والحيوانات المحببة وغيرها، ويلصقونها على النوافذ. إذن، ما هي المقصوصات الورقية؟
تعتبر المقصوصات الورقية إحدى الفنون الشعبية الأكثر شيوعا في الصين. ورغم أنه من الصعب اكتشاف تاريخ نشأتها الآن، إلا أن هناك قولا شائعا بأن المقصوصات الورقية نشأت من مراسم دينية في قديم الزمان، حيث صنع القدامى بالأوراق أشكال الإنسان والحيوانات لدفنها مع الموتى أو إحراقها في مراسم الجنازة، آملين في أن ترافق الأشياء التي ترمز إليها هذه الأوراق المصنوعة الموتى فيما بعد.

 المقصوصات الورقية في عيون عامة الصينيين لا تزال زينات ملصقة على شبابيك البيوت خلال أيام عيد الربيع
وقبل ألف سنة تقريبا، بدأت المقصوصات الورقية تستخدم في التزيين وتعتبر فنا تشكيليا. ووفقا لما جاء في الكتب التاريخية، فإن المقصوصات الورقية كانت تستخدمها النساء كزينة للرأس في عهد أسرة تانغ الملكية الصينية خلال القرنين السابع والثامن الميلاديين. وفي عهد أسرة سونغ الملكية الصينية في القرن الثاني عشر، كان بعض الناس يزينون الهدايا بها، والبعض يلصقونها على الشبابيك والأبواب أو تزيين الجدران والمرايا والفوانيس بها، كما ظهر حرفيون متخصصون في صنع هذه المقصوصات.
إن المقصوصات الورقية عمل يدوي بحت. وبالنسبة لغير المتخصصين، فيكفيهم مقص وورق للتدرب على هذا العمل، ومن السهل تعلمه، أما بالنسبة إلى المتخصصين، فيحتاجون إلى مقصات ومباضع بمختلف المقاييس لتصميم أشكال معقدة. ويجوز عمل مقصوصات بورقة واحدة، ويمكن عمل مقصوصات ورقية عديدة بأوراق كثيرة للمرة الواحدة. وبالنسبة إلى المقصوصات البسيطة، يمكن عملها بالمقص مباشرة، أما بالنسبة إلى المقصوصات المعقدة، فيحتاج ذلك إلى العشرات من المقصات والمباضع بمختلف المقاييس على شرط تصميم الرسم على الورق مسبقا، ولا يسمح بأي خطأ خلال عملية قصه، وإلا فسيفشل العمل كله.
تشمل المقصوصات الورقية العديد من المواضيع، منها الزهور والطيور والحشرات والأسماك وأبطال الأساطير الشعبية والأعمال الأدبية الكلاسيكية ووجوه أوبرا بكين وغيرها من الأشياء الموجودة في الحياة. ونظرا لاختلاف طبيعة المواطنين الصينيين شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، فهناك ميزات خاصة لمقصوصات المناطق المختلفة، مثلا تتميز المقصوصات الورقية في شمالي الصين بالقوة والهيبة، وتتركز مواضيعها على القلاع القديمة ومشاهد تفقد الأباطرة في مختلف المناطق والأبطال القدامى وغيرها، أما المقصوصات الورقية في جنوبي الصين، فتتميز بدقتها وجمالها، تكون مواضيعها الرئيسية ملامح البلدات المائية والأزهار والأطفال الذين يرعون المواشي وغيرها.
في الماضي، كانت النساء الريفيات دائما ما يجلسن مع بعضهن البعض لعمل المقصوصات الورقية في الموسم الذي يلي الحصاد الخريفي، ويعتبر عمل المقصوصات الورقية فنا يدويا لا بد أن تتعلمه كل البنات، وذلك يعتبر مقياسا لتقييم ذكاء وبراعة العروس أيضا. وتزامنا مع التطور الاجتماعي، لم يعد الكثيرون يتعلمون عمل المقصوصات الورقية، إلا أن بعض الناس يتخذون هذا العمل مهنة. وفي الوقت الحاضر، توجد في الصين مصانع للمقصوصات الورقية وجمعيات فن المقصوصات الورقية على نطاق البلاد، حيث تقام معارض ويتم تبادل تقنيات هذا الفن بشكل منتظم، بينما تنشر مجلدات أعمال المقصوصات الورقية. كما تطورت المقصوصات الورقية من أداة التزيين فقط إلى فن مستقل، وتوسعت مضامينها باستمرار مع تقدم العصر. وفي الوقت نفسه، استفادت العديد من الفنون الأخرى مثل الرسوم المتحركة والفيلم والسينما والمسرح وتزيين الكتب من أساليب فن المقصوصات الورقية أيضا. ورغم ذلك، إلا أن المقصوصات الورقية في عيون عامة الصينيين لا تزال زينات ملصقة على شبابيك البيوت خلال أيام عيد الربيع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق